الكتابة السيرية بين محكي الأفكار ومحكي الأحداث
( أوراق) لعبد الله العروي نموذجا
المصطفى ملاك
فن السيرة,أو الترجمة هو تلك الكتابة عن الأشخاص قصد إبراز نوع وطبيعة القيم الإنسانية آلتي تنطوي عليها ا لشخصية . وهى عملية فنية تجمع بين المؤرخ والأديب, من حيث الارتباط بالمحيط, والزمكان, والأحداث,والتواريخ , والأدبية النصية. وهكذا وجدنا السيرة الذاتية , ثم فن السيرة الغيرية. ومن هنا يتداخل عنصر التاريخ بالأدب. فهناك عمليات مشتركة بين الأديب والمؤرخ مثل التفسير, واختيار المواد, وترتيبها, ثم تقمص قناع المحقق , أو المدافع, أو المحلل والقاص, والكاشف عن طبيعة الصراع بين الكائن الإنساني والطبيعة والناس. وبغض النظر عن نسبة الدقة والموضوعية ونوعية القيمة للأشخاص المترجم لهم, فقد لوحظ في فن السيرة عند العرب القدماء أو المحدثين وجود تلك النزعة التاريخية, وذلك لسبب بسيط, هو أن الأشخاص المترجم لهم يكتسبون قدرا من التميز على غير العادة ,وإن كان هناك في بعض الكتب السيرية تظاهر صريح أو مضمر بالحياد والموضوعية. ويزكي هذا الطرح ذلك الكم الهائل من الشخصيات ذات الحضور المتميز دينيا,سياسيا,نحويا,أدبيا(أتحدث هنا عن السيرة الذاتية والغيرية على السواء) . وقد عرفت هذه الكتابة تطورا آخر مع إقحام عنصر القصة والرواية. ويكفي أن نشير على سبيل المثال إلى"عمر يظهر في القدس" لنجيب الكيلاني, و"التجليات"لجمال الغيطاني, و"عبقريات العقاد" ومن هذا المنطلق,لم تبق هناك حدود تقنن فن السيرة من حيث الترتيب . واقتباس تقنيات الفن. الروائي, والمسرحي, وإقحامها بالتفسير والشرح والتحقيق .. وتقودنا هذه الملاحظة إلى الحديث عن نوع سيري آخر حاول تجاوز المسار التقني والفكري الذي سارت عليه الكتابات السيرية الأخرى. إنه مؤلف "أوراق"لعبد الله العروي. فبالنظر إلى طبيعة اللغة الموظفة, والأسلوب التحليلي لواقع الشخصية، وقضوية الحدث كتصور فكري, وفرضي , نحس بالحاجة إلى السؤال الفضولـــي :
أين نصنف هذه التجربة؟ ما علاقتها بالواقع؟ ثم إلى أي حد وقع تجاوز سلبية السقوط في التأريخ؟ هل هذا الكتاب رواية ؟ سيرة ذهنية؟ سيرة غيرية؟ أم أنه عمل فكري تجريدي بامتياز؟
إذا نظرنا إلى شخصية إدريس داخل المؤلف(ص:9) من حيث مراحله الحياتية, فإننا قد نتســرع في الحكم بالقول بالمفهوم السيري الغيري. وحين نقرأ هذه الشخصية كمرآة للعروي, فـــإننـــا سنقحمها في باب السيرة الذاتية: ص13 -ص.46
غير أن المتأمل في المناخ الفكري, والأدبي الذي يؤثث به العروي الكتاب, يتحسس وجود ذلك الطابع الفكري المهيمن على سيرورة الأحداث. بل يتلمس نوعا سرديا يوسم بالطابع الذهني.وهو الأمر الذي تنبه إليه الكاتب. حيث أعلن منذ الصفحة الأولى عن جنس هذا العمل. وقبل الدخول إلى عوالم الكتاب الداخلية, يحسن بنا أن نتعرف على بعض مظاهره الموضوعاتية.
لقد صدر هذا المؤلف سنة:1989 بعد"الغربة" 1970 و"اليتيم" 1978 و"الفريق"1986. وقد اتخذ العروي في كل هذه الأعمال شخصية نمطية محورية هي "إدريس"اليتيم. الفقير، المشاكس، المثقف ، المتأزم الذي يحمل همومه و هموم الآخــــريــــن.
ويضم الكتاب243 صفحة دون قائمة الهوامش التي بلغت تسع صفحات. فعلى امتداد تسعة فصول, ومقدمة، وخاتمة, تتكشف شخصية إدريس.إ نه نموذج للمثقف العضوي الذي يرفض مجموعة قيم ويبشر بأخرى على النمط الغربي التحديثي(ألمانيا واليابان كنموذج) ص 216- 230 . ويمكن أن نصف موقف إدريس من الواقع العربي والمغربي بأنه محاكمة لمجموعة من الظواهر الفكرية و السياسية والدينيــــة.
وهنا تعن لنا مظاهر السيرة الذهنية. إذ أن العروي تجاوز سردية الأحداث إلى التحليق في رحلة معرفية واسعة متعددة الحقول المعرفية: أدب+ سياسة+ دين+فلسفة+ سينما+ تاريخ+ قانون+فقه.
فالسارد لا ينقل الأحداث بصورة فرجوية , وصفية ،خطية, وإنما ينقل الواقع كما ينعكس في ذهن إدريس. بحيث تتجلى صورة المثقف ص79 . وتتجلى معها قضايا معرفية ومقولات: التقدم- التغيير-التحرر- المقاومة- الثقافة- العلم- التصنيع- الاقتصاد- التحزب- التسيس- التفلسف– الوعي ...
تجليات السيرة الذهنية
و تتجلى هذه المسألة من خلال مجموعة عناصر:
1 – طغيان المحكي الفكري على المحكي الحدثي .
2- طبيعة القضايا المطروحة.
3 - نوعية البدائل التي يبشر بها إدريس.
4 - طريقة التعامل مع الواقع.
5 - اعتباره القراءة مشروعا نقديا وتطويريا.
6 - ممارسة الكتابة كوسيلة للتحرر من سلطة المعيش.
7 - دفعه القارئ إلى وضع تصور فكري للأحداث وطرح فرضيات حول الما هو كائن والما يجب أن يكون. ومن خلال التأمل في العنوان , نجد أنه يمثل عتبة تفرض عدم التقيد بالتفسير الأولي . وبالتالي نطرح علامات الاستفهام
* ما علاقة العنوان بالسياق الداخلي للكتاب؟
*هل العنوان ذو وظيفة مرجعية تحيل إلى داخليته؟
* هل هو الذي يفرض نوعية الكشف القرائي؟ أم أنه يشي منذ الوهلة الأولى بإنتاج معنى تـــــــام؟
إن عتبة الكتاب "أوراق لا تسمح للقارئ بالحكم الجازم على نوعية ومضمون الخطاب.لأن العنوان يحمل شتاتا من الاحتمالات والتأويلات ، وبالتالي، فإنه يبقى حاضرا مع استمرارية فعل القراءة. إذ يمتل نوعا من الارتداد القرائي يتقاطع مع فصول الكتاب .
فالقارىء وهو يتابع فصول الكتاب، يمارس حركات ارتدادية نحو العنوان لإعادة النظر في تصوراته الأولى ، والبحث والبحث عن تصور جديد يتماثل مع محتويات المحكي، الذي قد ينفلت منه بسبب تعدد الوسائط الثقافية التي تفرضها موضوعات المؤلف .بحيث أن القارئ كلما اعتقد بتملكه مقصدية المحكي
كلما وجد نفسه مطالبا بالعودة إلى شبكة العنوان. وعلى هذا الأساس، يمكن وضع تصور أولي للعتبة في شكل انطباعات أولية على الشكل التالي:
المـتـــن
عـتـبـة داخلية
الـعـنــوان الخطاب الروائ
1- شخصية ادريس أ/ مواصفاته
مذكرات-تقارير-وصايا المعرفية والمزاجية والوجدانية
ب/ سلوكاته + أقواله + مواقفه
تراكم من المعلومات 2- الحدث البؤري :
وشتات من المعارف يطرح النشأة والتكوين ثم صدمة الواقع
اشكالية الترتيب والتنظيم والتبويب
الاسرة المدرسة الثانوية الجامعة
هذه المعطيات تدفع القاريء إلى ممارسة ما سماه فولفغانغ إيزر " وجهة النظر الجوالة" . فهو عبر الفعل القرائي يكتشف عناصر جديدة قد تدفعه إلى التشكك في تصوراته السابقة أو تعديل ما بناه من افتراضات سابقة . وبالتالي، فإنه يكون قد قام بمجموعة عمليات:استباق الأحداث،افتراض أفكار ما فتئت تتناسل ،التراجع أو التذكر،المكاشفة ،المقارنة، التثبت... وهذه العمليات تضع فعل القراءة بمثابة انشغال دائم طوال فترة التصفح أو التحليل ،إلى غاية الانتهاء من الكتاب. وعلى ضوء هذه المعطيات، فإننا نحس بأن مقولة "أوراق" تحيل على مجموعة قضايا شائكة مرتبطة بما هو نفسي تاريخي، ثقافي... فهي تشير والحالة هذه إلى:
- الشتات الفكري.
- التمزق النفسي المرتبط بالعلاقة مع الآخر.
- التعدد في المواقف بتعدد الأزمات.
- سرعة التلاشي وعدم القدرة على الصمود(البعد الفزيائي لأوراق) ، ثم موته بطريقة مجازية.
- الحجج التاريخية والقانونية التي تدين مجتمعا بكامله.
ويبدو من خلال عتبة العنوان ذلك الطابع الذهني لهذه الكتابة السيرية.
لكن هذه السيرة الذهنية مرتبطة بظروف نفسية متأزمة لها أسبابها الذاتية والموضوعية. وأهم هذه الأسباب,أزمة الاستقلال الوطني المغيب."حلمنا بمغرب شاب للشبان، مغرب عادل حازم ينظر إلى الأمام و يعمل بهمة وطموح, فكشف لنا عن مغرب شيخ للشيوخ، ينبذ كل يوم مقياسا جديدا من مقاييس العصر" ص:157. وحتى من خلال نظرة سريعة على فصول الكتاب ، نلاحظ دلك التداخل بين الأزمة والتوجه السيري الذاتي.
نوع الأزمة العناوين طبيعة التعامل الفكري
- أزمة التعايش - العائلة - فترة صبا تومئ بالعصامية
- أزمة الثقافة الموجهة - المدرسة - النضج الفكري وجنون القراءة
- أزمة الاستقلال - الوطن - الاقتناع بفكرة الكفاح الفكري و النفسي
- ارتفاع درجة الخيبة - الوجدان - التمزق الفكري والنفسي
- التذمر من عقم الشعارات - الضمير - نقد طبيعة الوعي الوطني والسياسي
- العيش على الثنائيات - الهوية - طرح إشكالية العلمانية والإسلام
- الإحباط - العاطفة - رسائل نسائية مجهولة العنوان
- هموم الوطن - الذوق - القراءة السينمائية للواقع الوطني
- أزمة الفكر الخرافي - التعبير التأمل في دهاء المستعمر
فالملاحظ أن مواضيع الكتاب تعلن عن ذلك التوجه السيري الذهني. وهكذا فإن البنية ا لسردية
تؤكد هذا الطرح. فهناك الفلسفي(كانط ص: 73 نيتشه - سارتر- جيد ص: 91 شبنجلر ص:131
وهناك الأدبي(فلوبير ص" 76 امرؤ القيس- المتنبي- المعري- جبرا ن ص"22-24. وهناك السياسي والديني (البلشفية ص" 120. علال الفاسي ص" 101 مالك بنابي ص" 128 حسن البنا ص" 129 وهناك التاريخي (غاندي ص" 142. موهان روي ص" 136. بانيكار ص"135). إن العروي من خلال شخصية إدريس يدعو إلى :
*المعرفة كتجاوب مع العالم الخارجي ص"38
*حسم الصراع بين العلم والدين عن طريق التكامل ص"39
*الجمع بين التأورب والأصالة ص"60
*محاربة الذهنية الطرقية والفكر التواكلي ص"51
تمثل اليابان كنموذج للتقدم الصناعي ص"50
* فلسفة الحياة بمنطق: النقد- الإبداع- التحرر- الفتوة- القوة ص"31
ونجد في ص" 146 هذه القناعة عند إدريس.الذي يصفه الراوي قائلا :"لم يتنكر لسلطان العقل والاقتصاد. استطاع أن يزاوج بين العقل الذي يقبل، و الفؤاد الذي يتحسر على الوقت الضائع"
عناصر المحكي الفكري
إن القراءة الاستبطانية للكتاب، تضعنا أمام مجموعة عناصر دالة على ذلك الطابع السيري الذهني. ويمكن توضيح هذه الخاصية من خلال مجموعة عناصر:
أ-نوعية الموضوع السردي
تتمركز التيمة المهيمنة في إشكالية الاستقلال. فالعروي يطرحه من زاوية فكرية عميقة لم يقف فيها عند ذلك الكم التاريخي ،أو السقوط في التقريرية الفجة . إنه طرح قضوي محبوك بطريقة فكرية، معقلنة بشكل يعتقد معه القارئ أحيانا أنه أمام كتاب نقدي أو فلسفي. فطبيعة المعالجة لهذا الموضوع لم تكن سطحية أو سردية فرجوية على الأحداث.كما أن موقفه من هذا الاستقلال كان جريئا واضح المقصدية. بحيث وظف أسلوبا تحليليا في المعالجة ، والتي كانت تقوم على تعرية الوقع اجتماعيا وفكريا وسياسيا. وقد كان يصدر في هذا الطرح القضوي عن فكر يؤمن بالاختلاف والالتزام براهنية المعيش وضرورة الحاجة التاريخية. ومن خلال هذه القناعة ، يصبح موضوع الاستقلال حقيقة فكرية و إنسانية يخلخل من خلالها مجموعة ثوابت داخل المنظومة الاجتماعية والفكرية والسياسية. "فلسفة اليوم هي التي تستهدف التغيير بالكشف عن عوامل التطور في المجتمع نفسه. من لم يدرك هذه النقطة لم يدرك الغرب ولا منطق العصر"ص 136 .
ب-الآخر المتحدث عنه أو المتحدث معه
ليست"أوراق"ذلك الكتاب المراهن على البطولة بالمفهوم التقليدي أو الذي يلعب على القوى الفاعلة بمعناها المبتسر. فإدريس الذي يمثل نموذج الجيل الجديد الذي لم يجد التربة الخصبة للتبشير بالأفكار الجديدة، يتحدث عن و مع مجموعة معاقل : النخبة المثقفة والوسط الاجتماعي،الوسط الأسري،المدرسي،الجامعي.
إن الكتلة الأولى تمثل فينظره موقفين: إما موقف الغرور أو موقف الخنوع . وكلا الموقفين أضرا بالمصلحة الوطنية والتطور التاريخي للبلد " أما الوطنية المغربية المزعومة فإنما تخيلها طلبة درسوا في فرنسا وتأثروا بأنظمتها وعادوا إلى بلدهم وهم غرباء عن شعبهم . تشوشت عقولهم فبدأوا يشوشون على غيرهم"ص116 . إنها نظرة نقدية جريئة للفكر النخبوي المستسلم إما للمصلحة وإما للأهواء السياسية . وهو الأمر الذي أعطى فوضى سياسية وفكرا عقيما وقف عند حدود الانتهازية والاستسلام لسلبية الواقع.غير أن الوسط الاجتماعي لا يخلو من عوائق . فهو مريض بالأمية والجهل والتواكلية وكل أشكال الانتظارية والقدرية الانهزامية. ولعل قصتا الصومعة والكهف تكشفان هذه الخاصية. حيث تتجلى بوضوح نوعية وطبيعة العقلية الاجتماعية المهيمنة ، وكذا الفكر التحنيطي المتحجر ،والبلادة،والسذاجة العمياء.ولعل الأب يمثل الأسرة الأبيسية والمعاقة فكرا وإرادة ،المكبوثة تاريخيا،والمسكونة بالنزعة التفرجية على الأحداث دون المشاركة في عملية التغيير، ولو بالكلام.
أما المدرسة والقرويون والجامعة فالعقم يسري في أقسامها ومدرجاتها ومناهجها. إن هذه الخصوصية التاريخية ، دفعت إدريس إلى رفض القيم السائدة ، واختيار العزلة والتمرد ، والعصامية .
ج-القيم المرفوضة والقيم المبشر بها
تنتقد "أوراق" مجموعة عوائد ، كما تطرح حلولا وبدائل لأن إدريس يمثل ذلك المثقف العضوي الذي يمارس عملية التصحيح والتقويم . وعلى ضوء كثير من المقولات الفلسفية والدينية والأدبية، يلاحظ ذلك الإصرار على تقديم وجهة نظر مؤسسة على تعدد ثقافي ، واقتناع واضح بأهمية التحديث انطلاقا من نماذج غربية و آسيوية . مع العلم أن هذا الطموح يتجاوز شرطية الخصوصية المحلية. لأن المغرب عصرئذ لم يصل بعد إلى مرحلة تقبل أو استيعاب مثل هذه البدائل. وربما أحس المؤلف بهذه الحقيقة المرة. فانكمش على نفسه مفضلا العزلة والموت المجازي.ويمكن رسم هذه الثنائية في:
الــقيم المرفـــــــوضـــــــــة القـــــيم المبشـــر بــــــــــــها
الكبت الإرادي والإعاقة الفكرية * فكر الثتاقف والاختلاف
*الفكر الاستنساخي والتواكلية * لنموذج الياباني
*حضارة التحنيط و الورائية * لبرالية التفكير والإبداع
*عقم المبادرة و الانتظارية * الثقافة العضوية المسائلة
*الفكر الانتهازي والوصولية * الفكر الخلاق ونكران الذات
*التشيخ الحزبي واحتراف السياسة * لالتزام براهنية التطور الحضاري
د- خصوصية إدريس
لم يركز الكاتب على الوصف الفيزيولوجي لإدريس لأنه كما أشرنا مشغول بما هو فكري وليس ماهو حدثي صرف.فباستثناء ما ورد في ص: 12 من إشارة خفيفة إلى بعض ملامحه ، كان التركيز فقط على الجانب الفكري والمعرفي عموما . وهكذا رأينا هذه الشخصية تتسم ب :
-المراهقة السياسية -التهور الفكري -اعتناق فلسفة التصعلك
-التصادم مع الواقع -التفلسف في الواقع -النهم القرائي والعصامية
تعدد مصادر معرفته -طرح مفاهيم جديدة -ممارسة الكتابة كحل بديل للمعاناة.
فإذارجعنا إلى مرجعية سيرة إدريس ، فإننا نقف على هذا الرسم التوضيحي :
مرجعية سيرة ادريس
الهامشية الوسط الاســري
الوسط المدرســي رفض القيم السائدة
الانفصال الوسط الاجتماعي
عبثية التفكير الوسط الجامــعـي و طرح قيم بديلة
الـتمــرد
الاغتراب النفسي ظروف الصراع الوطني
دلالة سيرة ادريس
جانب قرائي، يعتبر القراءة دلالة معرفية ممارسة الكتابة
مشروعا نقديا وتطويريا كوسيلة للتحرر من سلطة المعيش
تصبح ازدواجية القراءة والكتابة نوعا
من الانتصار الوهمي على الواقع
أمام هذا الوضع ، لجا إدريس إلى طرح مجموعة من المفاهيم ، والتي لبست حمولة دلالية أخرى تتجاوز حدودها المعجمية :
هـ-طرح مفاهيم جديدة
يطرح إدريس تراكما من المفاهيم مثل :المقاومة ص:51 التحرر ص:52 التقدم ص:52 السياسة ص:53-115-116 المثقف ص:53-85 الكتابة الأدبية ص 22-77 ويمكن أن نذكر بقليل من التفصيل بعض الأمثلة:
*الصمت: عبء ص152
*الفشل: إرادة لا قدر ص:154
*الكلام: نقمة ص:154
*السياسة: مبدأ وتضامن مع قوى التغيير ص:158
*الاستعمار: سجن مادي ولكنه نافذة على الفكر والعلم والصناعة ص:152
*الممارسة الثقافية: محاكمة الواقع ومغامرة في اللا مألوف والاتصال الدائم بالزمن الذاتي والموضوعي.
*القراءة : مشروع نقدي وتطويري
*الكتابة: وسيلة للتحررمن سلطة المعيش.
*الموت: انتصار على الواقع الموبوء.
و- تيمة الموت في الكتاب
إذا كان المؤلف قد انفتح على الموت منذ مقدمته، فإنه قد انتهى بها في الخاتمة (التأبين). ولكن الكاتب تعمد أن يعطي للموت معنى آخر. وهذا الموت لم يأت عبثا. فقد تراكمت مجموعة أسباب لوح لها المؤلف الإخفاق ،الفشل،الإحباط،,التذمر،الخيبة،الانتحار،الغربة ،الانفصال،الحيرة القنوط، التشاؤم،الفراغ،التناقض، العبثية... "يائس قانط لا أجد في الفكر أي سبب يدعو إلى السكينة والاطمئنان" ص83 :"أعيش في حرب دائمة في ظل كآبة لا نهاية لها" ص:78. وهكذا كان الموت عند العروي يمثل أكثر من دلالة: موت الضمير الثقافي، موت فكرة التغيير، موت الهوية ، موت ثقافة التطور، موت المشروع الحداثي . ثم جاء موت إدريس انتصارا على الواقع.
وعموما يمكن استعراض أزمة إدريس الفكرية والنفسية في :
الازمة الذاتية والفكرية عند ادريس
نوع المعاناة |
سببها | تجلـــــــــــــــــــــــيـــ على مستوىالفضاء المكاني | ـــــــــــاتـهــــا على مستوى الفضاء الزمني |
انعكاساتهاعلى نفسية ادريس |
عائلية | - صعوبة الاندماج مع نمط تفكير الاسرة - حيرة الاختيار بين هاجس الكتابة كطموح ذاتي وبين مصلحة الاسرة كهدف مادي ص90 |
فضـاء الاســـرة |
زمن الدراسة الثانوية والـجـامـعـيــة
|
الحيرة بين الخضوع لسلطة الاسرة فكريا وماديا وبين تحقيق الاستقلال الذاتي |
نفسية | قوة الطموح والحلم بالافضل ثم الاصطدام بالواقع المتحجر ص82-83-84 |
الـفـضـاء الوطني والبــاريـسي |
زمـن الـدراسـة الجـــامعـيـة | القنوط + العزلة الانطوائية + الخجل " يائس، قانط، لاأجد في الفكر أي سبب يدعو الى السكينة والاطمئنان "ص83 |
وطنية | - التخلف - بقايا الاستعمار ص15 - العيش على حضارة منحطة - غياب الوعي بالواقع والتاريخ ص 91 |
الوطــــن
|
زمــن الاسـتــقـــلال | الشعور بالاسى والاهانة " الوطنية لهيب يحرق ما في الفؤاد من ميل وتعلق، من ندم وأسى " ص80 |
سياسية | - ممارسة الحزبية كحرفة وارث عائلي ص97-98 - وجود ذهنية فوضوية ص112 - انقلاب قيم المقاومة ص98 |
داخل الوطن وخارجه |
زمن الاستقلال |
الاصطدام بفكر سياسي في ظاهره لكنه مصلحي في باطنه ومشلول الارادة ص 97 |
ثقافية |
- الفراغ الثقافي - طغيان ثقافة الحاجة - غياب مشروع ثقافي تثويري |
دار المغرب في فرنسا |
قبل وبعد الاستقلال | الشعور بالخيبة داخل المجتمع لم يكن في مستوى الصيرورة التاريخية ومتطلبات الاستقلال الثقافي والاقتصادي " أعيش في حرب دائمة في ظل كآبة لانهاية لها" ص 78 |
خلاصة
نخلص إلى أن الوسط الأسري والدراسي ساهما في تأزم إدريس وبالتالي تنوع ثقافته المبنية على النهم القرائي. غير أن تذمره من الاستقلال الأجوف دفعه إلى مواقف الرفض وطرح بدائل تحد يثية تراوحت بين التهور والعقلنة و التناقض في أحيا ن كثيرة. فهو ذلك الشخص الثائر, المتمرد، الحداثي، الحكيم ،المراهق فكريا،المتمسك بالمزاوجة بين العلم والدين ،المتحمس للعلمانية،المستنجد أحيانا بالماضي، وهوالرومانسي تارة ، والواقعي تارة أخرى، الرافض للطوباوية. ولعل هذا النص يكشف بوضوح ما ذهبنا إليه في هذه الخلاصة: "غير أنه لم يقدم أبدا على الخطوة الفاصلة على محو المخزون من الذاكرة، الذهنية والجسمية، انتفخ ولم يتقو، انعزل ولم يستقل، احتقر التاريخ والثقافة ولم ينسهما. حكم على نفسه بالإخفاق لما أخطأ التشخيص." ص237 . و أخيرا يمكن لنا ان نقوم بقراءة استرجاعية لهذه الرواية على ضوء هذا السم البياني :
نـقـطــة نـقـطـــة نـقـطـــة
الانطلاق التمركز الوصول
الـيـتــم مرحلة امتلاك الشخصية المــوت
ظروف الصبا الاغتراب المراهقة النضج تمثل تيمة الموت :
و الدراسة الجغرافي السياسية المعرفي المبني
والنفسي على الحكمة والتفلسف * موت الضمير الثقافي
* موت فكرة التغيير
أمام مجتمع تواكلي
وورائي
* اقبار ثقافة التطور
التاريخي
* موت المشروع الحداثي
اعتناق فلسفة التصعلق تحليله للواقع وتشبته
والتصادم مع الذات والواقع بالهوية رغم تبنيه تجربة
بسبب خيبة الاستقلال والواقع التقدم الصناعي في ألمانيا
المتحجر فكريا، سياسيا ودينيا واليابان
- النهم القرائي
- تمثيله لجيل المثقف العضوي
- نقذه لثقافة الغرور النخبوية
- تمسكه بالوطنية والانفتاح على الحداثة
0 التعليقات:
إرسال تعليق